– الحملة المنظمة على حزب الله بداعي فتح الباب لانسحاب عناصر داعش المهزومين في القلمون لافتة.
– داعش والنصرة وفقاً للتصنيف الأممي والعربي واللبناني واحد، والتصنيف للتنظيمات الإرهابية لا يعترف بإرهاب حميد وإرهاب خبيث، ولا بإرهاب درجة أولى وإرهاب درجة ثانية، وخلال سنوات يجري حسم مناطق سورية وتنظيفها من النصرة تحت ضغط قتال الجيش السوري وحزب الله وتنتهي بانسحاب عناصرها إلى إدلب مشابه لانسحاب داعش من القلمون الحالي ولم نسمع لا دولياً ولا إقليمياً ولا لبنانياً تعليقات سلبية تعتبر ذلك تهاوناً مع الإرهاب.
– قبل أسابيع قليلة أنهى حزب الله معاركه بنصر في جرود عرسال وتوّج بانسحاب مشابه للنصرة إلى إدلب ولم ينبس أحد ببنت شفة.
– محاولة ربط الحملة بكون كشف مصير العسكريين أظهر أنهم شهداء والحديث عن ترك الجيش يكمل نصره عليهم يعني ببساطة أن يحرّر الجيش اللبناني بالقوة وبدون تنسيق مع سورية وحزب الله الجزء اللبناني المتبقي، فينسحب مسلحو داعش تحت الضغط إلى الجزء السوري من القلمون فيقاتلهم الجيش السوري والمقاومة حتى يرضخوا للانسحاب، فماذا كان سيتغيّر في مصير العسكريين أو في مصير انسحاب داعش، إلا إذا كان القصد قيام الجيش اللبناني بالتنسيق مع الجيش السوري والمقاومة خوض معركة إطباق لسحق الجماعات المتبقية في الجزءين اللبناني والسوري. وبالتأكيد عند المعترضين يبقى انسحاب داعش أهون من مرارة التنسيق، خصوصاً أنّ الإطباق كان سيضيّع فرص كشف مصير العسكريين، وربما يموت مع قادتهم سرّ مصيرهم، فهل كان المعترضون يعرفون المصير ويعرفون أنهم سيحملون مسؤولية ضياع حياة العسكريين لأنهم منعوا الجيش قبل ثلاث سنوات من تخليص جنوده بالقوة، كما قال قائد فوج المغاوير آنذاك العميد شامل روكز، فيكون السرّ المدفون مع العسكريين وخاطفيهم أهون الشرور؟ ربما يفسّر هذا غضب بعض اللبنانيين، لكن الحملة أكبر وأوسع، فماذا ومَن وراءها؟
– مصدر الحملة يكشف أهدافها، فالتصعيد السياسي والإعلامي لا يرتبط بالمبدأ، وهو الضغط العسكري حتى فرض الانسحاب بالسلاح الفردي، بل بالنقطة التي توجّه إليها المسلحون، وهذا ما توضحه الانتقادات على قناة «الحرة» وراديو «سوا» وقناة «العربية»، وسائر الأدوات الإعلامية التي يديرها آدم إيرلي لحساب المخابرات الأميركية، وحملة الاستصراحات التي ترافقها، تحت عنوان الخطر على العراق، والتدقيق البسيط في الأمر يكشف أننا نتحدّث عن مئات معدودة لن تغيّر التوازن الإجمالي لقدرات داعش في دير الزور والميادين قرب حدود العراق والتي يقدّرها الأميركيون أنفسهم بأكثر من عشرة آلاف.
– الأميركيون كانوا بالأصل دعاة حرب على داعش تدار بطريقة فتح باب الانسحاب، ولكن بطريقة يختلف منطقها وتأثيرها. فالانسحاب الذي سعى له الأميركيون من الموصل والرقة لداعش كان بإبقاء غرب الموصل مفتوحاً نحو سورية وجنوبها مفتوحاً نحو الأنبار وترك شرق الرقة مفتوحاً نحو دير الزور وجنوبها نحو البادية. وهذا ما منعه الحشد الشعبي والجيش السوري وحزب الله وساندتهم فيه روسيا وإيران. وهو الانسحاب الذي يعني أنه لو تحقق منح داعش فرصة إدامة معاركها ويمنح الأميركيين فرصة إدارتها، بينما الانسحاب الهادف لتجميع داعش والنصرة كلّ في كتلة جغرافية محصورة تكون هي ميدان معركة الفصل، فهو خطوة على طريق الحسم النهائي، وليس طريقاً لإبقاء داعش على قيد الحياة، كما كان يرغب الأميركيون لو أتيح لهم فرض أجندتهم للحرب على داعش في سورية والعراق.
– لماذا ينزعج الأميركيون إلى هذه الدرجة إذن؟ ولماذا يستنهضون جماعاتهم كافة لفتح النار؟
– التدقيق يوصلنا إلى التركيز الأميركي المباشر وغير المباشر، بالتصريح العلني والاستصراح الضمني، على البوكمال التي فوجئ الأميركيون بسبب التكتم التفاوضي على أنها ستكون وجهة الانسحاب التي كانوا يظنّونها إلى دير الزور، فدير الزور يسلّم الأميركيون بأنها عنوان معركة قادمة للجيش السوري، ولا مشكلة لديهم بأن يتجمّع فيها مسلحو داعش للقضاء عليهم هناك، لكن قبل ذلك يطمح الأميركيون لقيام الجماعات التي يديرونها بإمساك البوكمال، قبل أن يصل الجيش العراقي والحشد الشعبي إلى القائم من الجهة العراقية، وهكذا يحققون حلمهم الاستراتيجي بالجلوس على الحدود السورية العراقية، وخطوط الإمداد بين البوكمال ودير الزور صعبة ومعقدة ليقوم داعش بتعزيزها، وقد خرّب الانسحاب حساباتهم، وصار الجهد العسكري اللازم لتحرير البوكمال من داعش يحتاج قدرات الجيش السوري والمقاومة، وسقط حلم الحدود.
– وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمى…